Thursday, January 02, 2014

ميس جيهان

وقفت في الفصل الأحمر أثناء امتحان اللغة العربية. وقفت أبكي بحرقة وميس جيهان توبخني بألفاظ لا أذكر منها إلا كلمة "غشاشة". وتلك كانت أول مرة أسمع فيها هذه الكلمة. ولأني كنت في كي جي تو فلم أعرف كيف استنبط معناها. 
كنت طفلة حساسة جدا, وكانت دمعتي قريبة جدا من رمشي. فبكيت لأتفه الأسباب. لكن صراخ ميس جيهان لم يكن سببا تافها.
أنا إلى الآن لا أعرف ما اقترفته حتى توقفني وتصرخ فيّ وسط زملائي الذين أبقي على صداقة أغلبهم حتى يومنا هذا. أذكر أني منذ صغري اتخذت مواسم الامتحانات بجدية مبالغ فيها. أذكر أن أمي كانت تتطلب من معلميّ أن يبقوا لي نسخة نظيفة من الشيت وتصورها لي فوق العشر نسخ لأحلها مرارا وتكرارا حتى تثبت المعلومة في رأسي. أذكر أن اجتهدت كثيرا في دراستي, على الأقل أيام المدرسة. وأذكر أني لم أغش في ذلك الامتحان المشئوم! 
كم أود الآن لو أني أخبرت أمي بما حدث. لم أخبرها لأني تعلمت في مدارسنا الموقرة أن المعلم دائما على حق. وأن أنظر إلى الأرض أثناء حديثي مع الميس أو المستر. لم أخبرها لأني خفت من العقاب لجريمة لم أرتكبها بل لم أفهم حتى معناها. لم أخبر أمي وبكيت خفيا لإحساسي بالخجل.
الآن أشعر بالخجل من نفسي لأني لم أتحلى بالقوة لأتكلم لأستفهم عما فعلته أو لأخبر أمي لربما هي استفهمت عني.
وأشعر اليوم بالخجل لأني إلى الآن لم أخبر أمي.
لم أنسى الحكاية وذكرتها طوال سنين المدرسة التي درستني فيها ميس جيهان مرة ومرتين أخروين. ولم أفلح أبدا في المواد التي درستنا إياها.


زينة أبو جامع

1 comment:

Chica said...

أعجبتني وأردت أقرأ المزيد لاندماجي في القصة.